2022/12/29 09:13

التحذير من بناء المساجد على القبور

التحذير من بناء المساجد على القبور :
حَذَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أنْ يصنعوا بقبره مثل ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم وصالحيهم، كلّ ذلك لقطع الذريعة أنْ يعتقد الجهَّال أن الصلاة لها، فيؤدِّي إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام.

ففي الصحيحين أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَالاَ: لَمَّا نَزَلَ (أي مرض الموت) بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ (جعل) يَطْرَحُ خَمِيصَةً (نوع من الثياب) لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ (احتبس نفسه) بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا([7]).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) : وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنَّه مرتحل من ذلك المرض فخاف أنْ يُعَظَّم قبره كما فَعَل مَنْ مضى، فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذَمِّ مَن يفعل فعلهم([8]).
قال الإمام القرطبي (المتوفى: 671هـ) : أَيْ لا تَتَّخِذُوهَا قِبْلَةً فَتُصَلُّوا عليها أَوْ إِلَيْهَا كما فَعَلَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَيُؤَدِّي إِلى عِبَادَةِ مَنْ فِيها كما كان السَّبَبُ فِي عباة الْأَصْنَامِ. فَحَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مِثْلِ ذلك، وسَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى ذلك، قال عُلَمَاؤُنَا: وهذا يُحَرِّمُ على الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ والعُلَمَاءِ مَسَاجِدَ ([9]).
وخَصَّ هنا اليهود لابتدائهم هذا الاتخاذ، فهم أظلم، وضم إليهم النصارى ، وهم وإنْ لم يكن لهم إلا نبي واحد ولا قَبْرَ له، لأنَّ المراد النبي وكبار أتباعه كالحواريين([10]).