2022/12/31 13:56

توقير النبي صلى الله عليه وسلم

مِن توقيره صلى الله عليه وسلم أن لا يُرْفَع الصوت عنده حيًّا ولا ميّتًا .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) " وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ تَوْقِيرَهُ وَاحْتِرَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَضِّ الصَّوْتِ عِنْدَهُ لا يَكُونُ إِلاَّ مِنَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ، أَيْ أَخْلَصَهَا لَهَا وَأَنَّ لَهُمْ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ وَالْأَجْرَ الْعَظِيمَ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) " كما قال الشنقيطي في تفسيره .

وقد أنْكَر عمر رضي الله عنه رَفْع الصوت في مسجده صلى الله عليه وسلم ، فَرَوى البخاري مِن طريق السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ ، فَحَصَبَنِي رَجُلٌ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ . فَقَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا ، قَالَ : مَنْ أَنْتُمَا ؟ أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟
قَالا : مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ .
قَالَ : لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا ، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قال الشنقيطي : وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَحُرْمَتِهِ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْيَوْمَ مِنِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ قُرْبَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ فِي صَخَبٍ وَلَغَطٍ ، وَأَصْوَاتُهُمْ مُرْتَفِعَةٌ ارْتِفَاعًا مُزْعِجًا كُلُّهُ لا يَجُوزُ ، وَلا يَلِيقُ ، وَإِقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنْكَرِ .
وَقَدْ شَدَّدَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّكِيرَ عَلَى رَجُلَيْنِ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا فِي مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لأَوْجَعَتْكُمَا ضَرْبًا . اهـ .