كم هو رائع وجميل أن ينتظر
الابن عودة أبيه إلى المنزل! حتى يشاركه في أكله وطعامه, أو يناقشه أيضاً في
آماله, وآلامه, أو يسمع منه حكاية لطيفة, تنطبع معانيها في فؤاده, طوال العمر,
وعلى الآباء والأمهات كذلك أن لا يغفلوا عن هذا الأمر مهما كثرت مشاغلهم, فقد روى
الإمام مسلم في صحيحه أن رجلاً اعتمى عند النبي _صلى الله عليه وسلم_ أي تأخر بعد
صلاة العشاء, ثم رجع إلى أهله, فوجد الصبية قد ناموا, فأتى أهله بطعامه, فحلف أن
لا يأكل من أجل صبيته, ثم بدا له فأكل, فأتى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فذكر
له ذلك, فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم_: "من حلف على يمينٍ, فرأى غيرها
خيراً منها, فليأتها وليكفر عن يمينه" فانظر يا رعاك الله, إلى الصحابي الذي
تأخر في أمر هام مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_, ولم يمنعه هذا العذر الوجيه,
أن يسأل عن الصبية, ولما فاته الجلوس معهم, حلف ألا يأكل, كأنه يعاقب نفسه من أجل
تأخره عن العشاء مع أولاده.