ومع سن السابعة يحين أوان
التأديب التربويِّ المتاح بكل وسيلةٍ ممكنةٍ ومقبولةٍ - شرعاً - إما بالوعظ أو
التعليم أو الثواب أو العقاب، وسائر طرائق التأديب والتقويم؛ لأن الناشئ في هذه
المرحلة يقبل كل ما يعرض عليه ثم يسير على هداه، والتأديب في تلك السن أمرٌ
نهائيٌّ راسخٌ في نفسية الولد أو الفتاة، لا يتغير ولا يتأتى له النسيان مهما مرت
الأيام والليالي بل والسنوات.
نلمح ذلك من حديث النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم: { مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها
وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع } (أبو داوود 495).
فبناء على هذا الأساس
التربوي النبوي الحكيم تبدأ المرحلة الثانية – كما سلف – في طورها الطبيعي الفطري
الذي يمكن أن يلم الناشئة من خلاله مهارات الأدب والفهم والاستعداد للتقويم بعد
ذلك.
فإذا أهمل الناشئ لأكثر من
ذلك دون رعاية أو تأديب فإن أثر التربية يكون معدوما، قال الله تعالى :{ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ
صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ
صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ
جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ
الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ
مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ } (النور: 58 – 59) ، ونجد في هذا النص القرآني الحكيم أن التأديب يجب أن
يبدأ مبكراً من قبل أن يبلغ الأطفال الحلم ، وذلك من خلال إلقاء الأمر عليهم بوجوب
الاستئذان في أوقاتٍ محدودةٍ، وهذا التأديب الأولي يعد تدريباً واستعداداً للمرحلة
التي تلي مرحلة الطفولة حيث المسؤولية الكاملة.
وفي مرحلة الطفولة يقبل
الصبي والفتاة ما يعرض لهما من الآداب والتوجيهات، يقول عمر بن أبي سلمة – رضي
الله عنه – : كنت غلاماً في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وكانت يدي تطيش
في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: { يا غلام، سمّ الله، وكلْ
بيمينك، وكلْ مما يليك }. فما زالت تلك طعمتي بعد. (البخاري576 بسند صحيح) .
لهذا نرجو الاستفادة من
النصوص السابقة في توطين الأدب نفس الصبي والفتاة، وهما في سن الصبا قبل أن يشتد
العود، ويصبح تغيير الحال من المحال، والتعليم في الصغر – كما قيل – كالنقش على
الحجر.