إنّ من المغالطة الواضحة أنْ
تتمّ مقايسةُ حال المرأة لدى الكفّار بحالها في المجتمعات الإسلاميّة ، ذلك أنّ
المرأة في المجتمعات غير المسلمة ، وخاصة الغربيّة ، يقوم التعامل فيها مع المرأة
على فلسفةٍ مادِّيَّة صِرفة ، إذْ إنّهم يعتبرون الشخص إذا بلغ سن الثامنة عشرة
مطالبًا بأنْ يكون منفقًا على نفسه قائمًا بشؤونه ، وعلى أقل الأحوال أنْ يكون
مشاركًا في تحمّل أعباء معيشته . حياتهم قائمة على قضاء المصالح المشتركة ، وخاصّة
ما يتحصل به قضاء وطر شهوة البطن والفرْج ، لا على التكامل والترابط الموشَّى
بالمحبة والمرحمة. والمرأة في البلاد الغربيّة تجد نفسها ـ وهي فتاة غَضَّة في
مشاعرها ، ساذجة في أفكارها وتصوراتها ، يتنازعها ضعف الطفولة واندفاع المراهقة ،
وهي حينئذ أحوج ما تكون إلى حضن أبويها الدافئ ، في خضم ذلك ـ تجد نفسها مدفوعة
دفعًا شديدًا نحو توفير المادّة والمال الذي تقضي به حاجاتها و ضروريّاتها :
فهي تكدح لتوفّر المال حتى
تأكل وتشرب . وتكدح لتوفّر المال حتى تلبس . وتكدح لتوفّر المال حتى تسكن . وتكدح
لتوفّر المال لتكمل دراستها . وتكدح لتوفّر المال حتى تكفل نفسها . وتكدح لتوفّر
المال لتعيش . وحينئذ يسيطر عليها هاجس توفير المادة وكسب المال من أي سبيل ، ولو
من سُبُلٍ مشتبهة ، أو مسالك فاحشة ، أو من أيِّ سبيل كان! فهذه الفتاة تضطر حينئذ
لأن تُجَابِهُ الحياة الماديّة المُقْفِرَة من الأخلاق الكريمة ، المفتقرة لأقلّ
درجات الخلال العالية والخصال الحميدة . تلك الفتاة الغضَّة تضطرّ لأن تكابد
التعاملات الجافة ، تلك الحياة القائمة على المصالح الذاتيّة وحسب، والتي لا يبذل
فيها الشخص شيئًا إلا بمقابل مكافئ، حيث الشَّرَه والأَثَرة ، وحينئذ يتمّ التعامل
مع المرأة على أساس أنّها ( جسد ) و ( مُتعة ) لتكون الواحدة منهنّ في أحيانٍ
كثيرة ( أُمًّا غير متزوجة ) (!!) فتعيش حينئذ هي ومن أنجبته حياة البؤس والضّياع
. وهكذا تدور عجلة الحياة الاجتماعيّة ، من خلال مزالق متنوّعة أول من يتكبدّها :
المرأة ، والأجيال اللاحقة !!.