تتنوع أساليب التربية الإسلامية وتتعدّد سعياً في تحقيق أهدافها المرجوّة، وبيان هذه الأساليب على النحو الآتي:
1- القدوة: تسعى التربية الإسلامية إلى إيجاد القدوة
الحسنة للفرد المسلم في جميع مراحله العمريّة؛ فقد دعت الوالدين إلى أن يكونا قدوة
حسنة لأبنائهم، كما حثّت المعلمين والمربّين على أن يكونوا مثالاً حسناً يُحتذى
به؛ وذلك لأنّ سلوك الطفل في طور نشأته يتأثّر بسلوك والديه، ومعلّميه، فبادرت
الشريعة الإسلامية إلى وضع الأسس التي تنبني عليها الأسرة، وبيَّنت دور كل فرد في
الأسرة، ووضّحت كيفية توطيد أركان البيت المسلم، ودعت جميع المسلمين إلى يكونوا
قدوة حسنة في جميع تعاملاتهم مع كل الناس، وخير قدوة يقتدي به الناس هو النبي -صلى
الله عليه وسلم- نبيّ هذه الأمة وقائدها، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- مثالاً
وقدوة عظيمة يقتدي بهديه جميع المسلمين.
2- الموعظة: يكون وعظ الإنسان بتذكيره، وإبداء
النصيحة له؛ حتى يلين قبله ويرق، ممّا يدفعه إلى التوبة، ومعالجة سريرته وإصلاحها،
ثم المبادرة إلى عمل الخيرات، واتّباع السلوك المستقيم؛ لينال الخير في الدنيا
والآخرة، والواعظ الذي يرشد الناس دائماً ما يكون متّصفاً بالأخلاق الفاضلة،
والسلوكات الصحيحة، وأن تكون أقواله وأفعاله مصدر ثقة وإعجاب للناس، وقد جعلت
التربية الإسلامية الوعظ من الطرق الأساسيّة التي يتبعها الوالدين في إرشاد
إبنائهم، ودعت الآباء إلى اجتناب التمييز بين الأبناء في المعاملة مما يكون سبباً في
دفع الأبناء إلى اتخاذ سلوكيات شاذّة وضارّة بالآخرين.
3- القصة: تميّزت القصّة بتأثيرها الكبير على نفس
المستمع، سواء كان المستمع طفلاً صغيراً أو رجلاً كبيراً، وتعدّ القصص من طرق
تنمية الخيال عند الأطفال؛ وذلك لشدّة تفاعلهم مع أحداث القصة وشخصياتها، والقصة تزيل
عن االطفل شعور النقص المتولّد لديه، وتهدّأ من قلقه وتوتّره، كما وتعمل على تطوير
فكره، وتنمية قدراته العقليّة، وتعد القصّة وسيلة تربويّة مهمّة تأثّر في حياة
الإنسان، وتهذّب طبعه وسلوكه، ولهذا أكثر القرآن الكريم من سرد قصص الأقوام
السابقين، وذلك لما فيها من عبرة وعظة، وقدرة على مخاطبة الناس على اختلاف أعمارهم
وأحوالهم.
4- الممارسة والتطبيق العملي: يعد التطبيق العمليّ
للقيم والآداب الدينيّة من أفضل وسائل التربية الإسلامية؛ وذلك لأن الممارسة
الفعليّة تؤدّي إلى معالجة الأخطاء، وتقوية الذاكرة وعدم النسيان، وتغرس القيم
والآداب في النفوس، وترسّخها في القلب والعقل، ممّا يجعلها طبائع مكتسبة يداوم
الفرد على فعلها؛ فتعويد الطفل الصغير على أداء الصلاة في وقتها يعينه على
المحافظة عليها، وكذلك اعتياد جميع أنواع الطاعات والأعمال الصالحة لها أثر كبير
في تربية نفس المسلم، واستقامته، وقد اتّبع النبي -صلى الله عليه وسلم- منهج
التطبيق العملي في دعوته وتعليمه لأصحابه؛ فكان يصلي أمامهم حتى يقتدوا بصلاته
وسنّته.
5- العقوبة: تستخدم التربية الإسلامية أسلوب العقاب
في الحالات الإضطراريّة فقط، ولا يلجأ إليها المربي إلّا عند الحاجة والضرورة، ولا
يقوم بها المربي إلّا عند استفاذ وسعه في استعمال جميع الأساليب الأخرى، والعقوبة
هي أسلوب حاسم لا يستعمل مع كل الأفراد، وينبغي على المربي أو الوالدين اتّخاذ
منهج الوسطية في التعامل مع الأبناء؛ فاللين الزائد والرقة المفرطة والحرية
المطلقة تؤدي إلى إفساد سلوك الطفل، وكذلك الشدّة والحزم المفرط يؤدي إلى انحراف
سلوك الطفل؛ فلا بدّ من الحزم في مواضع معيّنة، ولا بد من اللين والرفق في مواضع
أخرى مناسبة.