شرائع الإسلام يكمل بعضها
بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن في بيوتكن " الأحزاب /33
، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل
خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء
تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما : " ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر
الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص الآية 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي
الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل
خارج البيت حالما تسنح الفرصة " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من
استأجرت القوي الأمين " القصص الآية 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها
رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل
خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في
العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين ، لتعويض النقص الحاصل في الرجال
، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار ما خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي
في تحرير المرأة ، والمناداة بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع
تسربت مسألة خروج المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع
عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة
تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم
المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات
الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على
ذلك وجود رجال بغير وظائف مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .
وعندما نقول : " على
هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى عمل المرأة في بعض
القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية حاجة قائمة ، وإنما قدمنا
تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب
زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في
مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين
المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج العلماني أن التصور الإسلامي للقضية
يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن " والخروج للحاجة " أُذن لكن
أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم على أن الخروج هو الأصل في جميع
الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول :
إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت
، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس
إسلامية تضطر الزوجة إلى العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا
موظفة ، بل اشترط بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة : فقد يكون عمل
المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى الله في مجال التعليم ، أو تسلية
كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .