2022/12/29 07:14

هل تُمْحى الذنوب- التي تاب منها العبد- من صحيفته

المسألة السابعة : هل تُمْحى الذنوب- التي تاب منها العبد- من صحيفته ؟
للعلماء في ذلك قولان :
القول الاول : أن السيئة تُمحى من صحف الملائكة بالحسنة إذا عُمِلت بعدها، وقد وردت أثار يدل ظاهرها على ذلك، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «أتبع السيئة الحسنة تمحها»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟» الحديث.
وأجيب عن هذا الاستدلال بأن "التائب يوقف على سيئاته، ثم تبدل حسنات، قال أبو عثمان النهدي: إن المؤمن يؤتى كتابه في ستر من الله عز وجل، فيقرأ سيئاته، فإذا قرأ تغير لها لونه حتى يمر بحسناته، فيقرؤها فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات، فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرءوا كتابيه} (الحاقة: 19) ([10]).
القول الثاني : أن الذنوب لا تُمْحى من صحائف الأعمال بتوبة ولا غيرها، بل لا بد أن يوقف عليها صاحبها ويقرأها يوم القيامة، واستدلوا بقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (الزلزلة: 7 -  ، وقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (الكهف: 49) ، وقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} (آل عمران: 30) ، وقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَميعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} (المجادلة: 6).
قال الحافظ ابن رجب : وقد ذكر بعض المفسرين أن هذا القول هو الصحيح عند المحققين، ... وأهل هذا القول قد يحملون أحاديث محو السيئات بالحسنات على محو عقوباتها دون محو كتابتها من الصحف