المسألة السادسة : القدر
الواجب من الخوف
القدر الواجب من الخوف، ما
حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس
على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول
المباحات، كان ذلك فضلاً محمودًا، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضًا أو موتًا أو
همًّا لازمًا - بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز
وجل- لم يكن ذلك محمودًا، ولهذا كان السَّلف يخافون على عَطَاء السُّلَمِيِّ من
شدة خوفه الَّذِي أنساه القرآن، وصيره صاحب فراش، وهذا لأنّ خوف العقاب ليس
مقصودًا لذاته، إِنَّمَا هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها، ومن هنا كانت
النار من جملة نعم الله على عباده الذين خافوه واتقوه، ولهذا المعنى عدها سبحانه
من جملة آلائه على الثقلين في سورة الرحمن...
ولا ننكر أن خشية الله
وهيبته وعظمته في الصدور وإجلاله مقصود أيضاً، ولكن القدر النافع من ذلك ما كان
عونًا عَلَى التقرب إِلى الله بفعل ما يحبه وترك ما يكرهه، ومتى صار الخوف مانعًا
من ذلك وقاطعًا عنه فقد انعكس المقصود منه