المسألة الخامسة : الخوف بعد
التوبة
ينبغي للعاقل أن يكون على
خوف من ذنوبه، وإن تاب منها، وبكى عليها. وإنِّي- والكلام لابن الجوزي- رأيت أكثر
الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك! وهذا أمر غائب!! ثم لو
غُفِرَتْ؛ بقي الخجل مِنْ فعلها.
- ويؤيد الخوف بعد التوبة أنه ثبت في الحديث
الصحيح: أن الناس يأتون إلى آدم عليه السلام، فيقولون: اشفع لنا! فيقول: ذنبي،
وإلى نوح عليه السلام، فيقول: ذنبي، وإلى إبراهيم.. وإلى موسى.. وإلى عيسى صلوات
الله وسلامه عليهم. فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم؛ لم يكن أكثرها ذنوبًا حقيقة، ثم إن
كانت، فقد تابوا منها، واعتذروا، وهم بعد على خوف منها.
- ثم إن الخجل بعد قبول التوبة لا يرتفع، وما أحسن
ما قال الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله: وا سوأتاه منك، وإنْ عَفَوت! فَأُفٍّ -
و الله- لمختارِ الذنوبِ و مؤثرٍ لذةَ لحظةٍ تُبْقى حَسْرة لا تزول عن قلب المؤمن
و إن غُفِرَ له.
- فالحذر الحذر من كل ما يوجب خجلًا، وهذا أمر
قَلَّ أن ينظر فيه تائب أو زاهد؛ لأنه يرى أن العفو قد غَمَر الذنب بالتوبة
الصادقة! وما ذَكَرتُه يوجب دوام الحذر والخجل