2022/12/29 07:09

وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال

المسألة الثانية : وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال
أمر الله عباده- طائعهم وعاصيهم- بالتوبة، ويسر أسبابها، وفتح لهم أبوابها، وخاطب بها المؤمنين جميعا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]. وقال تعالى : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]. فدَلَّ هذا على أن كل مؤمن محتاج إليها، فلا ينفك عنه أحد البتة، وقد أشار الإمام القرطبي- في أكثر من موضع من تفسيره - إلى أنه لا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، و أَنَّهَا فَرْضٌ مُتَعَيِّنٌ.
وقال ابن قدامة المقدسي : والتوبة واجبة على الدوام، فإن الإنسان لا يخلو عن معصية، لو خلا عن معصية بالجوارح لم يخل عن الهم بالذنب بقلبه، وإن خلا عن ذلك، لم يخل عن وسواس الشيطان بإيراد الخواطر المتفرقة المذهلة عن ذكر الله تعالى، لو خلا عنه لم يخل عن غفلة وقصور في العلم بالله تعالى وصفاته وأفعاله، وكل ذلك نقص، ولا يسلم أحد من هذا النقص، وإنما الخلق يتفاوتون في المقادير، وأما أصل ذلك، فلا بد منه ([2]).
قال المناوي : أمرهم مع طاعتهم بالتوبة لئلا يعجبوا بطاعتهم، فيصير عُجْبهم حُجُبهم، فساوى فيه الطائع العاصي،...، فتوبة العوام من الذنوب ، وتوبة الخواص من غفلة القلوب ، وتوبة خواص الخواص مما سوى المحبوب فذنب كل عبد بحسبه .. وكلٌ ذو مقام .. ولذلك في كل مقام توبة حتى ترتفع التوبة