2022/12/29 06:42

ذُلّ العبد وانكساره، وخضوعه لله، واقراره بعجزه وضعفه

ذُلّ العبد وانكساره، وخضوعه لله، واقراره بعجزه وضعفه:
التوفيق محض منّة من الله؛ فرجاؤه وحصوله مقصور عليه سبحانه، وتوفيقه، قال تعالى حكاية عن نبيه شعيب: { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]، فكما أن العبد مطالب بالسعي والاجتهاد في طلب الخير، فعليه أن يستمد العون من ربه على ذلك، وأن يعلم أنه لا يقدر على ذلك إلا هو؛ فيسأله توفيقه مسألة المضطر، ويعوذ به من خذلانه عياذ الملهوف، فلا عاصم من غضبه وأسباب سخطه إلا هو، ولا سبيل إلى طاعته ومرضاته إلا بمعونته، وبهذا جاء التوجيه النبوي الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: دَعَواتُ المَكْروب: اللَّهُمَّ رحمتَك أرجو، فلا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عين، وأَصلِح لي شَأني كلَّه، لا إله إلا أنتَ» ([1]).
أي لا تفوض أمري إلى نفسي لحظة قليلة قدر ما يتحرك البصر، فإن من سلب التوفيق لم يملك نفسه، ولم يأمن أن يضيع الطاعات ويتبع الشهوات، فينبغي لكل مؤمن أن يكون هذا الخوف في باله واعتباره([2]).
قال ابنُ القيّم رحمه الله: أجمع العارفون بالله أنَّ التوفيق هو أن لا يَكِلَكَ الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يُخْلِيَ بينك وبين نفسك([3]).
ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أَعوذ بعزَّتِكَ أَن تُضِلَّني ([4]).
أي تهلكني بعدم التوفيق إلى الرشاد و الهداية والسداد وفي معاجم اللغة: ضل الشيء ضاع وهلك، وأضله إذا لم يوفقه للرشاد.
وتأمل حال شيخ الإسلام ابن تيمية كيف كان يصنع إذا صعبت عليه مسألة من مسائل العلم؟ يحكي عنه تلميذه ابن عبد الهادي (المتوفى: 744هـ) فيقول: كان -رحمه الله- يقول: ربما طالعتُ على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني!