المودة والرحمة ليست خاصة
بالزوجين بل هما من أسباب سعادة الأمة :
سُمِّيت الزوجة (سَكَنًا)،
لأنَّ الرجل يسكن إليها بقلبه وبدنه جميعًا، يقال (سَكَن إليه) للسكون القلبي،
ويقال (سَكَن عنده) للسكون الجسماني، لأن كلمة (عند) جاءت لظرف المكان وذلك
للأجسام، و(إلى ) للغاية وهي للقلوب
([10]).
والمودة هي المَحَبَّةُ ،
أما الرحمة فهي الرأفة والشفقة وحسن المعاملة ، خاصة في حالِ الكِبرِ والضَّعفِ
والحاجة، "فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْسِكُ المرأة إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لها، أو
لِرَحْمَةٍ بها، بأن يكون لها مِنْهُ وَلَدٌ، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو
لِلْأُلْفَةِ بينهما، وغير ذلك"
([11]).
- ومن مظاهر قدرة الله ورحمته وحكمته أنْ جَعَل بين
الزوجين من التراحم ما لا يجده الإنسان بين ذوي الأرحام، " وليس ذلك بمجرد
الشهوة، فإنها قد تنتفي- لغضب أو مرض أو عارض- وتبقى الرحمة، ولو كان بينهما مجرد
الشهوة لكان كل ساعة بينهما فراق وطلاق ، فالرحمة التي بها يدفع الإنسان المكاره
عن حَرِيم حَرَمِه هي من عند الله، ولا يُعلم ذلك إلا بفِكْر"([12]).
ويرى جَمْعٌ من المفسرين
منهم الشيخ رشيد رضا (ت: 1354هـ) أنَّ الخطاب في قوله تعالى {وَجَعَلَ بَيْنَكُم
مَّوَدَّةً ورحمة} (الروم: 21) "إنَّما هو للناس عامة، لا للأزواج خاصة ؛
ولذلك لم يقل (لتسكنوا إليها وتودوها)؛ أي أنه جعل من مقتضى الفطرة البشرية
التوادَّ بينكم بسبب الزوجية بين الزوجين، ومن يتصل بهما بلُحْمة القرابة
والنَسَب، وما زال البشر يَعُدُّون المصاهرة من أسباب العصبية بين البيوت والعشائر
والقبائل؛ فهذه سنة من سنن الفطرة عرفها البدو والحضر([13]).
فسكون الزوج إلى الزوجة سبب
من أسباب سعادة الزوجين، وهناء معيشتهما خاص بهما لا يشاركهما فيه أحد من الأقربين
والمحبين، وأما المودة بينهما فهي من أسباب سعادة عشيرتهما أيضًا؛ لأنها متعدية؛
فهي مبعث التناصر والتعاضد والتساند، وبهذا تكون سببًا من أسباب سعادة الأمة
المؤلفة من العشائر، المؤلفة من الأزواج